قصيدة ابن الدمينة
قِفي يا أُميمَ القلبِ نَقْرأْ تحيَّةً :::::::::: ونَشكُ الهوى ثَم افْعلي ما بَدا لَكِ
سَلِي البانَةَ الغَنّاءَ بالأَجْرَعِ الذي ::::::::: به ِالبانُ هل حَيَّيْتُ أَطلالَ دارِكِ
وهَلْ قُمْتُ في أطلالِهِنَّ عَشيَّةً :::::::: مَقامَ أَخِي البَأْساءِ واختَرتُ ذلِكِ
وهَلْ هَمَلَتْ عينايَ في الدَّارِ غُدْوَةً :::::::: بدمعٍ كنظْمِ اللؤلؤِ المُتهالِكِ
أيا بانَةَ الوادي ألَيسَ مُصِيبَةً ::::: ::::: مِنَ الله أنْ تُحْمَى عليَّ ظِلالُكِ
أرى الناسَ يرْجُونَ الرَّبيعَ وإنَّما::::: :::: رَبيعي الذي أرجو نوالُ وصالِكِ
أرى الناسَ يخشَونَ السنينَ وإنّما::::: سِنيَّ التي أخشى صروفُ احتمالِكِ
تَعالَلْتِ كي أشْجَى وما بكِ عِلَّةٌ :::::: تُرِيدِينَ قتلي قد ظَفِرْتِ بذلِكِ
وقولُكِ للعُوَّادِ: كيفَ تَرونَهُ؟ :::::: فقالوا: قتيلاً، قلتِ: أَهْوَنُ هالِكِ
لَئِنْ ساءَني أنْ نِلْتِني بِمَساءَةٍ :::: لقدْ سرَّني أَنِّي خَطَرْتُ ببالِكِ
عَدِمْتُكِ مِن نَفْسٍ فأنتِ سَقَيْتِنِي :::::: بكأْسِ الهوى مِن حُبِّ مَنْ لَمْ يُبالِكِ
ومَنَّيْتِنِي لُقْيانَ مَن لستُ لاقياً ::::::: نَهارِي ولا ليلي ولا بَيْنَ ذلِكِ
لِيَهْنِكِ إمساكي بكَفِّيْ على الحَشا ::::: ورَقْراقُ عينيْ رَهْبَةً مِن زِيالِكِ
فلو قُلتِ: طَأْ في النارِ أَعلَمُ أَّنهُ ::::: رِضًى مِنكِ أو مُدْنٍ لَنا مِن وِصالِكِ
لَقَدَّمْتُ رِجْلِيْ نحوها فَوَطِئْتُها ::::: هدًى مِنكِ لي أْو ضَلَّةً مِن ضَلالِكِ
فواللهِ ما مَنَّيْتِنا منكِ مَحْرَماً ::::: ولكنَّما أَطْمَعْتِنا في حَلالِكِ
بعض الشرح :
الأبيات الأولى يذكر فيها الشاعر الأمكنة التي قرب دار محبوبته ،ويبكي الأطلال هناك ، والجميل إضافة اسم المحبوبة
أميمة إلى القلب بعد أن رخمه : يا أميم القلب .
وهَلْ هَمَلَتْ عينايَ في الدَّارِ غُدْوَةً :::::::: بدمعٍ كنظْمِ اللؤلؤِ المُتهالِكِ
هملت : فاضت .
المتهالك : المتساقط .
شبه الدمع الذي جرى من عينيه بعقد اللؤلؤ الذي تساقط ، وربما يرمي بذلك إلى سرعة هملان العين .
تَعالَلْتِ كي أشْجَى وما بكِ عِلَّةٌ :::::: تُرِيدِينَ قتلي قد ظَفِرْتِ بذلِكِ
تعاللتِ :تمارضت ، وقد شرحها الشاعر بقوله :وما بك علة .
وقولُكِ للعُوَّادِ: كيفَ تَرونَهُ؟ :::::: فقالوا: قتيلاً، قلتِ: أَهْوَنُ هالِكِ
العوّاد : الذين يعودون المريض .
أهون هالك : تريد أنها لا تبالي به ، وأنه ليس ذا حظوة لديها ،ولا في قلبها قبس من حبه .
وهذا شيء تظهر المرأة العربية قديما ،وهوأمر محمود ،فتوصف غالبا بالتمنع والعفة والبخل بالوصل .
لَئِنْ ساءَني أنْ نِلْتِني بِمَساءَةٍ :::: لقدْ سرَّني أَنِّي خَطَرْتُ ببالِكِ
يالها من مسرة بعد مساءة !.
لعل تلك الأبيات الثلاثة أجمل ما في القصيدة .
لِيَهْنِكِ إمساكي بكَفِّيْ على الحَشا ::::: ورَقْراقُ عينيْ رَهْبَةً مِن زِيالِكِ
رهبة من زيالك : خوفا من فراقك .
فلو قُلتِ: طَأْ في النارِ أَعلَمُ أَّنهُ ::::: رِضًى مِنكِ أو مُدْنٍ لَنا مِن وِصالِكِ
طأ : ادخل ودس ، وهو فعل أمر من وطِئَ .
مدن : مُقرِّب .
لَقَدَّمْتُ رِجْلِيْ نحوها فَوَطِئْتُها ::::: هدًى مِنكِ لي أْو ضَلَّةً مِن ضَلالِكِ
ضَلة : ضلال .
فواللهِ ما مَنَّيْتِنا منكِ مَحْرَماً ::::: ولكنَّما أَطْمَعْتِنا في حَلالِكِ
محرما : حراما .
ما أجمل ما اختتم به ابن الدمينة قصيدته !،هذه هي الأخلاق في الحب ، لا ينتظر حراما ممن يحب ، ولا يرجوه ، بل حتى إن المحبوب لا يظهر ريبة تُطمع الطرف الآخر ، بل كل هم المحب نظرة أو كلمة ينتظرها شهورا وربما سنة ، ومنهم من لا ينظر لامرأة غير التي يحبها كرامة لها كما مر معنا في قول مضرس :
أردُّ سوامَ الطرفُ عنكِ وما لَهُ ::::: إلى أحَدٍ إلا إليكِ طريقُ
وأسلفت أن :عنكِ: أي : لأجلك .
برأيك: هل هناك محب حق يريد العذاب لمن يحب ؟، وهل يُسمى ما يقوم على الفحش والحرام حبا؟،
وبمَ تصف ما يسمى الحب،وهو قائم على الشهوة والنزوة ؟.